الأحد، 30 ديسمبر 2012

قبل الرحيل .. بعد الرحيل !







"مصفوفة حقائبي علي رفوف الذاكرة
والسفر الطويل ..
يبدأ .. دون أن تسير القاطرة!"
أمل دنقل



قبل ..


العزلة تسمو بالروح ؛
أو ذلك ظن الراهب !


في كهف في جبل
أو عرزال أحب أن أكون
هاربا منك أنت أيها المطلق!
والفجيعة الساحقة
أنني أهرب إليك
لأنك تتبدي أكثر في الفراغ
أو العدم ..
وألومك علي خطيئتي


وأحيانا أخري
أتطير بك _وذلك ما يمليه علي قلبي الشيطان-
وأسوأ ما يتضمنه الرحيل
عن أمي والوطن
تنازلي عن مساحتي الأفقية اللعينة
للأوغاد الذين لا يستحقونها .
؛؛

اعرف إنني سأفتقد هذه المدينة
البائسة , التي تلعنني كل صباح
لذا أتوسل إليكم : لا تسلبوا مني رفيق السفر
لأنه جذوة من نار اللعنة!
ولأن نداء المجهول مبارك
و الدروب مباركة السعي والسائرين
وإن لم تفضي إلي شيء
أتوسل أيضا من جديد ..

؛؛
أيها الرفيق ألا تظن مثلي أنه من الحماقة
أن نحزن حين لا نحصل
علي ما نريد ؟
أو لأن انتظارنا لبعض ما نتمنى
ونشتهي طال قليلا
مع أن مقدرتنا علي الاستمتاع به محدودة !
وإننا في ذاتنا
فانين إلي الزوال
لقد اكتشفت فيما بعد
أنك أنت القديس
فأنا اخترت الإنتعاق ؛


وأنت تعمدت بالتضحية الكبرى ..


؛؛
الانتظار جمرة تطأها الروح
مثل محتضر ينتظر الرحيل للبرزخ

انتظر .. وأنتظر ..
انتظار رمادي قبل الانتقال
من الألم إلي المجهول ..




بعد ..

هناك في البلاد الغريبة
التي لم تكن وجهتنا يوما
أو حلمنا
حيث نشعر أننا دون الآخرين
يرسم الغيم وجهك في السماء أيها الغائب
لحظات ثم تنسفه الرياح
كأن لم يكن ..


بعد تلك الرؤيا الطيبة
أعود لسابق عهدي


آكل ..
أنام ..
أطالع ..


أسمع موسيقي الحزن
أدخن التبغ الرديء
أقرا أشياء لأجلي
وأشياء أخري لا تروقني
أقراها لأجلك
واقرأها بصوت مرتفع ..


لأني اعتقد انك كنت لتحبها
وقد يكون الغائب حاضرا
أكثر من الحاضرين

؛؛


وها أنا ذا ..
أقف في الميناء وجهي قبالة المتوسط
أسعل سعالا ثقيلا جافا
يوجع قفصي الصدري
وأحدق بتلك الصورة لنا معا
عند شاطئ آخر
أبعد حتى من السماء
أحدق بها طويلا بتأثر بالغ
ثم امسح الملح عن عيوني واطويها
وأتلو صلاة شكر بصوت خافت:


"شكرانك يا الله لأنك تحيطني بالنور
حتى لا أضيع في العتمة
أو في زحام الوجوه المسافرة
ولأنك تظهرني أسطع ما أكون
كشمعة في عتمة الآخرين
الذين يعوزهم النور كما يعوزني "









ايلول 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق